بات العراق يمثل انفاق الظل المعتمة لصناعة الاسلحة الإيرانية تحت الأرض و مناطق عسكرية مغلقة لا تستطيع اي جهة حكومية مهما كانت مسمياتها الدخول اليها باستثناء المليشيات الولائية ضمن مناطق جرف الصخر وعين التمر والزعفرانية والنهراون لتأجيج الصراعات في لبنان وسوريا واليمن.
هذه المناطق تحولت إلى مصانع متكاملة لصناعة الاسلحة والصواريخ والطائرات المسيرة باشراف مباشر من قبل خبراء عسكريين يعملون تحت غطاء دبلوماسي، وتكنولوجيا حربية متطورة تختبر داخل الأراضي العراقية تحت مسمى هيئة الحشد الشعبي.
تتميز هذه المصانع بانتاج الطائرات المسيّرة الانتحارية وصواريخ “رعد 1” بعيدة المدى التي لم يعد احتكار صناعتها في طهران فحسب وإنما في العراق لضمان عدم رصد نقلها من قبل إسرائيل وأمريكا.
ورغم تسليط الإعلام عليها والمحاولات الضعيفة من قبل الحكومة العراقية لحصر السلاح بيد الدولة، يظهر الواقع على الأرض عكس ماهو موجود في ظل الهيمنة المطلقة للميليشيات التي لا تزال تحتفظ بترسانتها من الأسلحة وتعمل كذراع إقليمي لطهران ، استطاعت إيران نقل جزء من تكنولوجيتها العسكرية إلى العراق، وأسست بنية تحتية لصناعة الأسلحة وتخزينها، بالتعاون مع الفصائل العراقية المسلحة الموالية لطهران.
وتنتج مصانع السلاح التابعة لمديرية الإنتاج الحربي في هيئة الحشد الشعبي طائرات مسيرة وصواريخ بالستية متنوعة المديات، وتطور دبابات ومدرعات روسية وأنظمة اتصالات رقمية وغرف تحكم وسيطرة، إلى جانب مدافع ثقيلة وقذائف وقطع غيار وأسلحة متوسطة وخفيفة وذخائر يشرف عليها ضباط مخابرات الحرس الثوري الإيراني بالتنسيق مع المليشيات العراقية .
يذكر ان الحرس الثوري يعمل على طريقتين لتزويد المليشيات في العراق والمنطقة بالسلاح: الأولى هي إرسال الأسلحة بشكل مباشر، والثانية إرسال قطع الغيار لضمان عدم كشفها بتنسيق مباشر من قبل خبراء إيرانيين يتنقلون داخل العراق بغطاء موظفين دبلوماسيين.
وتتوزع مصانع سلاح الحشد الشعبي، في مناطق متفرقة من العراق، منها مصانع تحت الأرض مخفية عن الأنظار، وأخرى في مناطق عسكرية مغلقة لا تستطيع حتى الجهات الحكومية العراقية دخولها، ومنها المصانع الواقعة في منطقة جرف الصخر جنوب غربي العاصمة والتي تتميز بصناعة الصواريخ ومحركاتها وإنتاج وقودها. وتنتج هذه المواقع صواريخ قصيرة المدى إلى جانب إنتاج الصواريخ البالستية واختبارها، بينما تتمركز في بلدة الزعفرانية جنوب شرقي بغداد صناعة صواريخ أرض ـ أرض وقذائف الهاون ، اما بلدات عين التمر في محافظة كربلاء، والنهراون في بغداد ، هي الأخرى تحتضن مصانع ومخازن لصناعة صواريخ إلى جانب مصانع خاصة بالذخائر.
ولعل استعراض هيئة الحشد الشعبي للطائرات المسيرة التي قال عنها إنها من صناعاتها الحربية، خلال الاستعراض العسكري الذي نظمته بمناسبة الذكرى السابعة لتأسيسها عام 2021 والتي سلط الاعلام الايراني الرسمي عليها بان هذه الطائرات المسيرة التي استعرضها الحشد كانت إحداها شبيهة بطائرات “سايا” الإيرانية وطائرات “صماد 3″، التي تستخدمها مليشيات الحوثي اليمنية في هجماتها، وهي طائرات انتحارية وهذا مايؤكد بالدليل القاطع صحة وجود هذه المصانع على الأرض العراقية.
وفي استعراض لها عام 2022، كشفت هيئة الحشد عن أسلحة جديدة ومتطورة اشارت اليها مواقع عراقية وأخرى إيرانية قريبة من الحرس الثوري، إلى أن أبرز الأسلحة التي استعرضها الحشد شملت منظومة حسيب والراصد للقيادة والتحكم في الطائرات المسيرة، ودبابات 72T الروسية، التي أجرت عليها شركة كرار الإيرانية تعديلا تمثل بإضافة الدروع الجانبية لها، إلى جانب استعراض أجهزة تشويش، وأبراج اتصالات متنقلة حديثة مشابه لانتاج شركة “رستافن ارتباط” التي تشكل جزءا من الصناعات الدفاعية الإيرانية، وهي مختصة بتوفير خدمات الاتصال والمعدات المختصة بالاتصالات والمنظومات الإلكترونية وقطع غيار الأسلحة للقوة الجوية التابعة للحرس الثوري ومجموعة صناعات الصواريخ البحرية الإيرانية، إلى جانب الرادارات.
وإلى جانب “رستافن ارتباط”، تنشط في هذا المجال شركة “فناور موج خاور”، المعروفة بـ”فناموج”، المختصة بصناعة الصواريخ وتجربتها وهي شركة تصميم وصناعة كافة أنواع الصواريخ ومكوناتها.
وتشير معلومات إلى أن شركة شاهد لصناعات الطيران موجودة أيضا في العراق، وهي شركة إيرانية مختصة بتصميم وصناعة المروحيات والطائرات المسيرة، وتنقل هذه الشركة طائراتها المسيرة من طراز “شاهد101″ و”شاهد136” على شكل قطع إلى داخل العراق ليتم تجميعها داخل مصانع الحشد الشعبي.
وخلال السنوات الماضية، تسببت أسلحة المليشيات بإحراج العراق دوليا عبر هجماتها المتكررة على قواعد عسكرية ومصالح أميركية في إقليم كردستان ومناطق العراق الأخرى وسوريا، واستهدافها للداخل الإسرائيلي.
وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية تؤكد باستمرار سعيها لحصر السلاح بيدها، بما في ذلك سلاح المليشيات المسلحة، لكن دون جدوى فهذه المليشيات ما زالت متمسكة بأسلحتها.
وأن عمليات تصنيع السلاح الإيراني خارج إيران تجري ضمن شراكة كبرى تعتمد على المال العراقي والغطاء والنقل بمساهمة عراقية وكذلك العاملين والمصنعين، والجميع شركاء في رسم صورة تحكم طهران بالإرهاب الإقليمي.
ان وصول هذه الأسلحة إلى فصائل غير عراقية يمثل خطر حقيقي يهدد بتوريط العراق في صراعات ومشاكل خارجية هو في غنى عنها تتسبب في تاجيج الصراعات الإقليمية الخاسر الوحيد فيها الشعب العراقي.





























