يتناول هذا المقال بقلم أستاذ علم الاجتماع أ.د. عبدالسلام سبع الطائي ظاهرة الأطفال مجهولي النسب في العراق محذرًا من أبعادها الاجتماعية والسياسية والأمنية الخطيرة. يصف الكاتب هذه الظاهرة بأنها تهديد للأمن القومي وهندسة ديموغرافية خفية تهدف إلى صناعة نخب سياسية بديلة بلا جذور ولا انتماء. ويشير إلى أن خيوط هذه الظاهرة تُدار خارجيًا من قبل أطراف خارجية وعلى رأسها إسرائيل وإيران وأحزابها وميليشياتها في المنطقة.
ويؤكد المقال على الاستغلال الممنهج لفئات الأطفال دون سن الثامنة عشرة وذوي الإعاقة في العمليات التخريبية كونهم محصنين قانونيًا من المساءلة. ويقدر الكاتب عدد الأطفال المشردين والأيتام واللقطاء في العراق اليوم أي منذ الاحتلال بنحو خمسة ملايين طفل. ويؤكد أن مجهولي النسب قد تحوّلوا إلى أدوات أمنية ضمن مشروع قومي فارسي تقوده إيران لإعادة هندسة المجتمع العراقي.
ويستعرض المقال جذور المشكلة مشيرًا إلى أن استغلال الفئات المهمشة يعود إلى فترة الحرب العراقية-الإيرانية. كما يسلط الضوء على حادثة مروعة عام 2008 حيث تم تفجير امرأتين تعانيان من إعاقات عقلية عن بعد في سوق الغزل ببغداد مما أسفر عن مقتل 98 شخصًا وإصابة أكثر من 200. كما ويؤكد المقال أن أسباب تضخم الظاهرة بعد عام 2003 تعود إلى استخدام الميليشيات الإيرانية الولاء للعنف الجنسي وتنامي الزواج المؤقت “المتعة”.
ويستذكر الكاتب تجربته في عام 1987 حين أبدى تحفظه الأمني والسياسي على مقترح الأم تريزا بنقل الأطفال مجهولي النسب (الذين بلغ عددهم آنذاك 28 طفلاً فقط في كل عموم العراق) لرعايتهم في أوروبا.
وفي القسم الثاني من دراسة الظاهرة المتفاقمة لمجهولي النسب في العراق بعد عام 2003 يحذر الطائي من تحولها من قضية اجتماعية إلى “قنبلة إنسانية جيو سياسية” ومخطط سياسي خطير .
يشير البروفيسور الدكتور عبدالسلام سبع الطائي إلى أن العدد الضئيل لمجهولي النسب قبل الاحتلال (المسجل رسميا لا يتجاوز 28) ارتفع إلى مئات الألوف بشكل منظم بعد الاحتلال ويستشهد بنداء استغاثة للدكتور حسين وادي الساعدي (اختصاصي علم الاجتماع) الذي ذكر أن عدد الأطفال مجهولي النسب في بغداد والمحافظات لاسيما ذات الأغلبية من الطائفة الشيعية في الوسط والجنوب قد تجاوز 176,000 طفل وفقًا لتقرير صادر عام 2017. ويرجع الدكتور الساعدي جزءًا من السبب إلى الانتشار الواسع لزواج المتعة في مناطق الزيارات المنظمة والكثيفة ؟؟!!
يُتهم د الطائي هذا الملف بأن هذه الظاهرة تمثل سلاح ضغط ويُطرح الطائي كذلك تحذير استراتيجي من أن مجهولي النسب قد يُوظَّفون مستقبلًا لتولي السلطة كنواة مشروع أخطر وحكام اصطناعيين في إطار “احتلال ناعم” يهدف إلى “اختطاف الهوية الوطنية العراقية الشرعية” و”تقويض الدول العربية والإسلامية من الداخل عبر غرس هوية مزروعة وولاء مستورد عابر للحدود !!
في المقابل يستعرض المقال موقف رئاسة الجمهورية العراقية سابقًا (قبل 2003) برفض طلب “الأم تريزا” نقل هؤلاء الأطفال للخارج وتأسيس دولة العراق “دار خاص” لرعايتهم في بغداد. كما كان يشرف على دور الدولة وزراء، وتكفّلت مكاتب البحث الاجتماعي بتوفير الرعاية الشاملة ومتابعة زواجهم.
يُختتم الطائي مقالاه بتوصيات تدعو إلى مقاربة شاملة (اجتماعية وأمنية وقانونية) لمواجهة هذا التكتيك الجيوسياسي الذي يهدد “هوية أمة بأكملها”.





























