بقلم: د حسن علي جبار
من الواضح أن الشخصية التي تناولها وهو معمَّم اظن من البصرة تمثل نموذجًا لخطاب ديني-سياسي منفر طائفي لايمن للمواطن العراقي الشريف بأي صلة؟؟مثير للجدل والانقسام وبعيد كل البعد عن تطلعات القاعدة الشعبية التي يدعي تمثيلها. هذا التحليل يسلط الضوء على عدة نقاط لافتة في هذا الخطاب:
اولا:الانفصال عن الواقع الشعبي ذلك إن أكثر ما يلفت الانتباه في آراء هذا المعمم وامثاله من العملاء هو التناقض الصارخ بين ادعائه التحدث باسم المواطنين الشيعة واستهانته بمطالبهم الأساسية. فمن غير المنطقي بل ومن المهين الزعم بأن مجتمعًا يعيش تحديات اقتصادية وخدمية كالعراق بعد احتلاله لا يريد “خدمات ولا وظائف ولا أي من متطلبات الحياة الكريمة” ؟؟؟!!! هذا التجاهل المتعمد للحقوق المدنية والاجتماعية يظهر انفصالًا عميقًا عن نبض الشارع وهمومه اليومية في محافظاتنا الجنوبية التي تعاني من التهميش أصلا بسبب هؤلاء المعممين حيث يبحث المواطن الشريف عن العيش الكريم وهو قاسم مشترك إنساني ووطني لا يختلف عليه كل العراقيين الشرفاء.
ثانيا: محاولة إقحام الهوية في خدمة الأجندة العسكرية فالربط بين إثبات “التشيّع” والمطالبة بـ “الحروب والقتال أسوة بالنظام الفارسي وحزب الله في لبنان” هو محاولة مكشوفة لـ تسييس العقيدة التي تعاني من التشويه منذ تسلط الاحزاب المدعية كذبا بالإسلام وتحويلها إلى أداة لخدمة أجندات إقليمية طائفية عابرة للحدود. هذا الخطاب يسعى إلى اختزال الهوية الدينية بكل تنوعها الروحي والثقافي والتاريخي في بعد واحد قتالي وعسكري، مما يشوه جوهر الدين ويجعله نقيضًا للتنمية والسلام. الأغلبية العظمى من المواطنين العراقيين، بما فيهم الشيعة، تطالب بالاستقرار والبناء والتخلص من شبح العسكرة والصراعات التي استنزفت البلاد لعقود.
ثالثا:استغلال الشعور الديني لتبرير الفشل للسلطة التي يتحالف معها ويخدمها هذا المعمم المتخلف فغالبًا ما يُستخدم هذا النوع من الخطاب المتطرف لتغطية فشل النخب السياسية والدينية في توفير الخدمات وتحقيق العدالة. فبدلاً من تحمل المسؤولية عن الفساد وسوء الإدارة يتم تحويل مسار النقاش من الفساد والبطالة إلى “الجهاد” و”القتال” وكأن المواطن لا يستحق العيش الكريم إلا بعد خوض حرب جديدة. هذا التحويل هو محاولة رخيصة للتلاعب بالعواطف واستثمار التضحيات لتبرير التقصير.
رابعا: خطاب يُعزز الانعزال ويزعزع الاستقرار بتركيزه على أجندات خارجية (النظام الفارسي وحزب الله) وجعلها نموذجًا يُحتذى، فإن هذا المعمم يروج لـ خطاب انعزالي طائفي يهدد النسيج الوطني العراقي. العراق كدولة فقدت سيادتها منذ ٢٠٠٣ بسبب وجود هذا المعمم الطائفي العميل لايران وامثاله ؟! يجب أن تكون أولويتها هي مصالح مواطنيها ووحدتها الوطنية وليس استيراد الصراعات أو الأيديولوجيات من الخارج. إن الدعوة للقتال بلا مبرر وطني واضح يصب الزيت على نار التوترات ويزعزع أسس الاستقرار الهش ليس داخل الشعب العراقي الواحد بل يثير الاستفزاز والتوتر مع شعوب ودول المنطقة ؟!
إن آراء هذا المعمم وامثاله من المخرفين والجهلة ليست سوى نموذج لخطاب ديني طائفي مضلل يعكس تضارب مصالح وفصل عن الواقع. وهو خطاب يستخدم المشاعر الدينية للترويج للعسكرة ونبذ التنمية والسلام والوئام والخدمات داخل المجتمع العراقي الذي هو بأمس الحاجة للخدمات وفرص العمل والعيش بسلام . وفي الحقيقة فإن مطالب المواطنين الشيعة الذين يكونون اكثر من ٤٠٪ كغيرهم من العراقيين تتركز في الحصول على دولة مواطنة توفر لهم التعليم والصحة والوظيفة والحرية والعيش الكريم لا أن تكون خيارهم محصورًا بين “القتال” أو “التخلي عن الهوية”. هذا الخطاب يجب أن يُقابل بالرفض الشعبي الواعي الذي يؤكد أن خدمة الوطن تكون بالبناء لا بالدم.




























