ازدواجية فاضحة وفساد محصّن بالقانون
بقلم: مواطن متقاعد
في مشهد يعكس عمق الانحراف في أولويات ما يسمى بالدولة العراقية أقدمت وزارة المالية مجددًا على صرف رواتب ما يُعرف بـ”مستفيدي رفحاء” الذين اخذوا وياخذون اموال العراق بدون وجه حق والبالغة أكثر من 49 مليار دينار شهريًا لـ32 ألف شخص أغلبهم يعيش خارج العراق في أوروبا وأمريكا وإيران. الأدهى من ذلك أن الصرف تم قبل موعده بتسعة أيام في حين ما زال مئات آلاف من المتقاعدين داخل العراق ينتظرون بفارغ الصبر صرف رواتبهم التي غالبًا ما تتأخر بسبب “الإجراءات الفنية” و”الأزمة المالية” والغريب أن هذه الاجراءات والأزمات لاتظهر كعقبات امام الرفحاويين ولكنها تظهر بقوة عند موعد استحقاق المتقاعد العراقي الذي أفنى زهرة شبابه وحياته بالوظيفة خدمةً للوطن في حين يتمتع الرفحاوي بالامتيازات والرواتب المجزيه فقط لانه قضى كم شهر في معسكر رفحه الترفيهي ؟!؟!؟
هذا التناقض يفضح خللًا هيكليًا في إدارة الموارد والعدالة الاجتماعية. إذ كيف يُبرَّر منح امتيازات ضخمة لفئة محدودة استندت إلى قانون خاطئ وظالم ومثير للجدل وُلد في الأروقة السياسية الطائفية الفاسدة بعد عام 2005 بينما يُترك كبار السن الذين خدموا الدولة عقودًا يعيشون الذل أمام المصارف؟ إن استمرار صرف هذه الرواتب يمثل نزيفًا للمال العام واعتداءً على العدالة الاجتماعية وإجحافا بحق من خدموا العراق بتفان خصوصًا أن معظم المستفيدين من الرفحاويين لا يعيشون في العراق ولا يساهمون في اقتصاده أو استقراره.
اللافت ان وزارة المالية تلتزم دائمًا بموعد صرف “رواتب رفحاء” بدقة وبحرص وهم لايستحقون هذه الرواتب بينما تتذرع بشتى الأعذار لتأخير مستحقات الموظفين والمتقاعدين. هذه المفارقة ليست إدارية فحسب بل سياسية وأخلاقية تؤكد أن منظومة الامتيازات التي صُممت بعد 2003 ما زالت تعمل لصالح الفئات المقرّبة من الأحزاب المتنفذة الفاسدة والعميلة للخارج !
إن استمرار هذه المهزلة القانونية و المالية هو دليل على غياب الإرادة الحقيقية لدى السلطات المهيمنة على العراق !للإصلاح وتكريس اهتمامهم لثقافة “الزبائنية السياسية” التي تفرّق بين العراقيين على أساس الولاء لا الاستحقاق. فبينما تُصرف المليارات لاناس بغير وجه حق او استحقاق وهم يعيشون في الخارج يبقى المواطن البسيط في الداخل دائما ضحية الانتظار والمهانة.



























