بقلم: د. عطية العلي
يُقال إن ضفدعاً وُضع في ماء يغلي، فما لبث أن قفز بسرعة مذهلة من الوعاء، إذ لم يتحمّل حرارة الماء المرتفعة.
ومرة أخرى وُضع في ماءٍ بارد، فشعر بالراحة.
ثم بدأ الماء يسخن شيئاً فشيئاً، والضفدع لا يتحرك، حتى غلى الماء ومات، لأنه لم يشعر بالانحدار إلا بعدما فات الأوان.
هذه القصة الرمزية تُشبه حال بعض الأشخاص حين ينحدر ببطء نحو التغيّر السلبي دون أن ينتبه.
فالانحدار لا يحدث فجأة، بل يبدأ بخطوات صغيرة، بتنازل بسيط، بتهاون في بعض الأمور، حتى يجد نفسه في طريق لم يختره.
فالخطر لا يأتي دائماً بصوت عالٍ، بل يتقدّم بهدوء ودفء خادع.
ففي الإدارة على سبيل المثال، تفشل بعض المؤسسات حين تتهاون في المشكلات البسيطة؛ تأخير بسيط في الإنتاج، قرار ضعيف، أو موظف غير منضبط، حتى تتراكم الأخطاء ويصعب الإصلاح. المدير الحكيم هو من يشعر “بسخونة الماء” قبل أن يغلي المشروع كله.
أما في التجارة، فيبدأ التراجع بخطوة لا تُرى؛ غياب الجودة في منتج، أو تجاهل آراء الزبائن. ومع الوقت يفقد التاجر سمعته وثقة الناس دون أن يدرك متى بدأ الانحدار.
وفي الحياة الشخصية، قد يعتاد الإنسان على خطأ صغير في سلوكه أو كلامه، أو على عادة سيئة يبرّرها لنفسه، حتى تصبح جزءًا منه. يبدأ الماء دافئًا مريحًا، ثم يغلي وهو لا يشعر.
وهكذا تُعلّمنا قصة الضفدع أن الانحدار لا يظهر فجأة، بل يبدأ من التهاون الأول ومن الصمت عن الخطأ الصغير.
لذا فإن الوعي والانتباه الدائم لما يتغيّر من حولنا هو سبيل النجاة من الغرق البطيء في المألوف المريح الذي قد يكون قاتلًا لا قدّر الله.