بقلم: الحقوقي د.راهب صالح
منذ أكثر من أربعة عقود فرض نظام ولاية الفقيه في إيران هيمنته على البلاد بقبضة من حديد مستخدمًا القمع والتنكيل كأدوات رئيسية لإخضاع الشعب وكبح أي صوت معارض. إلا أن هذا النظام الذي لطالما اعتمد على الإرهاب الداخلي والخارجي، يجد نفسه اليوم في حالة اهتزاز غير مسبوقة أمام تصاعد المقاومة الإيرانية التي باتت ترسم ملامح مستقبل جديد للشعب الإيراني.
نظام قمعي يفقد شرعيته
لطالما حرم نظام الولي الفقيه الشعب الإيراني من حقوقه الأساسية حيث صادر الحريات السياسية والاجتماعية وفرض سياسات استبدادية تُلغي أي مفهوم للسيادة الشعبية. لم يقتصر هذا القمع على الناشطين السياسيين والمعارضين فحسب بل امتد ليشمل كافة فئات المجتمع بما في ذلك النساء الأقليات العرقية وحتى رجال الدين الذين رفضوا الانصياع لمبدأ ولاية الفقيه المطلقة. غير أن هذا القمع الممنهج لم يفلح في وأد جذوة النضال بل على العكس زاد من إصرار المقاومة على التصدي لهذا النظام القمعي.
دماء الشهداء ترسم الطريق
شهدت السنوات الأخيرة تضحيات جسام قدمها أبناء وبنات إيران في سبيل الحرية فمنذ انتفاضة عام 2009 مرورًا بحركات الاحتجاج الكبرى في 2017 و2019 وصولًا إلى الانتفاضات المتكررة بعد مقتل مهسا أميني عام 2022 أظهرت المقاومة الإيرانية شجاعة استثنائية في مواجهة آلة القمع. لقد كانت دماء الشهداء بمثابة وقود يشحذ عزيمة الثوار ويؤسس لاستراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى الإطاحة بنظام ولاية الفقيه.
مجاهدو خلق.. رأس الحربة في المواجهة
تعد منظمة مجاهدي خلق الإيرانية أحد أبرز الفصائل المعارضة التي حملت على عاتقها مقاومة نظام ولاية الفقيه منذ عقود. نفذت المنظمة ضربات موجعة ضد النظام، مستهدفة رموزه ومراكزه الأمنية والاستخباراتية مما أدى إلى إرباكه وإضعاف قبضته الحديدية. كما لعبت دورًا رئيسيًا في فضح انتهاكات النظام على المستوى الدولي ما أدى إلى فرض عقوبات وضغوط متزايدة عليه.
عمليات مجاهدي خلق لم تقتصر على الجانب العسكري فقط بل امتدت إلى الجانب السياسي والإعلامي حيث قادت حملات توعية داخل إيران وخارجها وأسهمت في حشد الرأي العام العالمي ضد النظام. إن استمرار أنشطتها إلى جانب تصاعد الاحتجاجات الداخلية يزيد من احتمالات انهيار النظام في المستقبل القريب.
تصاعد المقاومة.. بداية النهاية؟
لم تعد المقاومة الإيرانية تقتصر على مظاهرات عابرة أو احتجاجات متفرقة، بل باتت تمتلك تنظيمًا متصاعدًا واستراتيجية واضحة تهدف إلى إسقاط النظام. التنظيمات المعارضة سواء داخل إيران أو في الشتات عززت من تواصلها وقدرتها على كشف جرائم النظام أمام المجتمع الدولي في الوقت ذاته، أظهر المجتمع الإيراني استعدادًا متزايدًا للعصيان المدني، وهو ما ظهر جليًا في الإضرابات العمالية والاحتجاجات الطلابية التي تزداد انتشارًا يومًا بعد يوم.
مستقبل إيران بعد ولاية الفقيه
تزداد القناعة بين الإيرانيين بأن إسقاط النظام الحالي لم يعد مجرد حلم بل هدف قابل للتحقيق مع استمرار وتصاعد المقاومة. إن مستقبل إيران ما بعد ولاية الفقيه يعتمد على الدور الحاسم الذي تلعبه منظمة مجاهدي خلق في قيادة الحراك المعارض وتقديم بديل سياسي ديمقراطي يلبي تطلعات الشعب في الحرية والعدالة ومع تنامي الضغط الداخلي والدولي على النظام يبدو أن أيامه باتت معدودة وأن صفحة جديدة من تاريخ إيران قد أوشكت على الانطلاق.
في النهاية لا يمكن لنظام يعتمد على القمع والبطش أن يستمر إلى الأبد. فالتاريخ أثبت أن إرادة الشعوب أقوى من أي دكتاتورية وأن دماء الشهداء لا تذهب سدى، بل ترسم طريقًا لا رجعة فيه نحو الحرية والكرامة والسيادة الحقيقية.