بقلم: د. عطية العلي
أحيانا تأتي المواقف العظيمة من طفل صغير نقيّ الفطرة، يتحرك بدافع فطري نحو الصواب دون أن ينتظر تصفيقاً أو إذناً.
في صورة انتشرت في وسائل التواصل، رأينا مشهداً بسيطاً لكنه يختصر الكثير من المعاني؛ رجل يُخرج سيجارته من نافذة السيارة، وطفل يجلس خلفه ، يمد يده بزجاجة ماء، ويسكبها على السيجارة ليطفئها!
قد يراه البعض تصرّفاً عفوياً، لكني رأيته صرخة وعي من جيل جديد لم يرهقه الدخان بعد. طفل أنطقتْه فطرته السليمة، وأحيت فيه فطرة “الأمر بالمعروف” بأسلوب عمليّ بسيط.
أعجبني ذلك الموقف، لأنه لم يكن ضد الرجل، بل مع الحياة. كان دفاعاً صادقاً عن الهواء النقيّ، عن الصحة، عن الجمال، عن عالم لا يختنق بدخان العادات السيئة.
ذلك الطفل لم يكتب مقالا في التنمية، ولم يلقِ محاضرة في الوقاية، لكنه قدّم درساً تربوياً حيّاً في الشجاعة الأخلاقية والوعي المجتمعي.
كم نحتاج في هذا الزمن إلى مثل هذا الحسّ الفطري الجميل!
فمن يملك الجرأة على إطفاء الخطأ بلطف وصدق يملك في داخله شعلة الإصلاح الحقّة.
ولعل أجمل ما في الصورة أن الطفل لم يتكلم، ولم يعظ، بل فعل.
وهذا هو الفارق بين من يعرف الصواب ومن يعيش الصواب.






























